في بلادنا العربية لاتعني كلمة "صيف" الا الحرارة والقيظ وما يتبع ذلك من معاناة وتعب. والتعرض للجو الحار والعمل العضلي فيه وخصوصا عندما يتم في العراء في أغلب الأوقات يقود الى مشاكل صحية خطيرة للعاملين ، مالم يكن هؤلاء العاملون من المتأقلمين على العمل في الجو الحار ، و مالم تتخذ الاحتياطات التي تمنع حدوث مثل هذه المشاكل الصحية. وحسنا فعلت دولة الامارات العربية المتحدة عندما اتخذت سلطات العمل فيها قرار بمنع شركات المقاولات من تشغيل عمالها في الجو المكشوف في ساعات النهار شديدة الحرارة.
وللوقاية العامة من حدوث مثل هذه الحالات وغيرها مما يرتبط بالعمل الشاق في الجو الحار ، يجب أن يكون هناك انتقاء دقيق للعاملين المفترض أن يعملوا عملا جسديا شاقا. ان اللياقة الجسدية والسن المناسب والعقلية الواعية هى متطلبات أساسية لمثل هذا النوع من العمل. ولهذايجب أن تكون صحة العامل جيدة، مع مراعاة أن يكون جلده وقدرته على التعرق طبيعية . فعندما ترتفع درجة حرارة الجو الى معدلات عالية ، يستجيب الجسم بافراز العرق بمعدلات عالية، حتى أن العمال المدربون على العمل في الجو الحار قد يحتاجون الى كميات إضافية من الماء والملح ، وأحيانا تصل كمية الماء التي يتناولها الشخص الواحد يوميا الى 15 لترا من الماء ، مع كمية من ملح الطعام تصل الى 30 جراما (للمزيد عن الماء ).
بالاضافة لذلك ينصح باستعمال الملابس المناسبة التي يجب أن تكون خفيفة و واسعة . كما يجب أن يمنح العمال فترات من يجب بذل كل الخطوات الممكنة لتحسين ظروف العمل في الجو الحار بدءا بتحريك الهواء و تكييفه ما أمكن، الراحة يستظلون خلالها من الحر ، ويتناولون فيها السوائل الباردة ويرتاحون أثناءها من ارهاق العمل. كما يمكن وقف العمل كلية أو تحويره اذا كان الجو حارا بصورة غير عادية .
التأقلم على العمل في الجو الحار:ولقد لوحظ أن وطأة تأثير الجو الحار على العمال تقل اذا تأقلموا على العمل فيه. وهذا يعني أن يعتاد العامل على العيش والعمل في درجات الحرارة المرتفعة والمشبعة بالرطوبة أيضا. والتأقلم هو حالة فسيولوجية مثيرة للاهتمام، تتميز بانخفاض معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم الداخلية . والعامل المتأقلم مع الحرارة يستطيع الحفاظ على الصوديوم و الكلور فلا يفقدهما بكثرة في العرق . كما أن كمية تعرقه تكون أقل من العامل غير المتأقلم. والتأقلم دائما ما يكون محددا ونسبيا، فالفرد يتأقلم على جو محدد سواء جافا أو رطبا ، و يتأقلم أيضا على كمية عمل محددة في ذلك الجو، و أية زيادة في كمية العمل أو في العبء الحراري قد تقود الى مشاكل صحية . ولقد لوحظ أن الغياب عن العمل لمدة أسبوع واحد قد يقود الى فقد العامل ما بين ربع الى ثلثي تأقلمه السابق، كما أن ثلاثة أسابيع من الانقطاع عن العمل تقود الى فقدان التأقلم كليا ما لم يكن العامل رياضيا وفي حالة جسدية طيبة. وفي الحالة الأخيرة فان فقد التأقلم يكون بسيطا و يستعيد العامل سريعا حالته الأولى من القدرة على العمل في الجو الحار فور عودته اليه .
والعوامل التي تتدخل في عملية تأقلم العامل على العمل في الجو الحار هي تنظيم حرارة الجسم ، و تدفق الدم في القلب ومعدل ضرباته، وأخيرا التعرق. و ملخص ما يحدث أن جسم الانسان يعمل على خفض انتاج الحرارة بداخله، مع زيادة المنصرف من هذه الحرارة عن طريق تعديل جريان الدم في الجسم، وتوتر العضلات والتنفس والتعرق. كما أن الجسم يعمل على ترشيد خروج الماء والاملاح في العرق ، بتقليل نسبة الأملاح في العرق، وأيضا بتقليل كمية العرق الاجمالية. وبذلك يستطيع العامل أن يعمل في الجو الحار بدون احتياج كبير للماء و الملح. وظاهرة التأقلم على العمل في الجو الحار تفسر حدوث المشاكل الصحية للعاملين الجدد الوافدين حديثا الى المناطق الحارة، في الوقت الذي لا يعاني فيه العاملين القدامي من مثل هذه المشاكل.
والتعرض لحرارة الجو يمكن أن ينتج عنه أمراض شديدة الضرر ان لم تعالج وأولها:
التقلص العضلي:وهو تشنج مؤلم مفاجيء قد يحدث في عضلات الرجلين أو الذراعين ، و أحيانا يحدث في عضلات الظهر والبطن، وفيه تظل درجة حرارة الجسم في معدلاتها الطبيعية بينما يكون الجلد رطبا . وهذه الحالة تحدث للأشخاص الذين يعرقون بغزارة نتيجة للجهد العضلي في الجو الحار، ثم يشربون الماء لتعويض ما فقدوه دون تناول كمية مناسبة من الملح تعوض ما فقد في العرق، فتزيد نسبة الماء داخل خلايا الجسم مع انخفاض معدلات تركيز الصوديوم و الكلور في السوائل خارج هذه الخلايا، ويؤدي هذا الى تقلص عضلات الجسم بصورة مؤلمة .
للوقاية والعلاج من التقلص العضلي: يجب على الشخص المصاب أو المعرض للاصابة أن يتناول ملح كلوريد الصوديوم ( ملح الطعام ) مع ما يتناوله من الماء لتعويض الفقد الناتج عن التعرق الغزير، و يمكن أن يكون هذا عن طريق الملح المذاب في الماء ، أو عن طريق تناول أقراص الملح مع الماء ، أو عن طريق تناول مشروبات مثل المجهزة خصيصا للرياضيين مضافا اليها الأملاح المناسبة ، لتعويض الفقد من خلالتناول بعضها بين حين وآخر أثناء اللعب أو التدريب أو المجهود الشاق .
ضربة الشمس أو ضربة الحرارة :ومن بين المشاكل الصحية لارتفاع حرارة الجو ما يسمى " ضربة الشمس " أو " ضربة الحرارة "، وهو ما يحدث عندما يقوم العامل بجهد عضلي كبير ، فيؤدي هذا الى نشاط أيضي كبير للجسم ينتج عنه حرارة عالية، ويضاف الى ذلك درجة حرارة مرتفعة في الجو، ويكون هذا الجمع بين الحرارتين كافيا لاحداث عبء حراري كبير على الجسم الذي لا يستطيع أن يتحمله. وهنا يزداد المخزون الحراري للجسم، فترتفع حرارة الجسم الداخلية بسرعة. ويكون الخطر أكبر عندما يكون العاملون غير متأقلمين على العمل في الجو الحار، مع قدرة ضعيفة على العمل. وقد وجد أن ثقيلي الأوزان ممن يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة للاصابة بضربة الشمس، يضاف الي ما سبق ارتداء الثياب غير الملائمة مما يجعل الجسم يضيف الى حرارته المكتسبة بدلا من فقدها. ونقص تناول الماء لتعويض الفاقد منه يعرض العامل أيضا للاصابة بضربة الشمس. ولقد لوحظ أن المصابين بأمراض الجهاز الدوري وأمراض القلب وضغط الدم العالي معرضون بصورة أكبر لضربة الشمس .
وفي ضربة الشمس ترتفع درجة حرارة الجسم ارتفاعا كبيرا عن المعدل ، فتصل بسرعة الى معدل بين 40 -43 درجة مئوية. وترتفع درجة حرارة الجلد الذي يكون جافا بينما ينقطع الجسم عن التعرق. ويشعر المصاب في بداية الحالة بفقدان الاحساس بالزمان والمكان ، يتبعها دخوله في حالة من الهذيان والاهتياج، ثم يبدأ المصاب بالتشنج ، وبعدها ينهار تماما. ومعظم الوفيات من هذه الحالة تحدث - ما لم يتم العلاج بسرعة - خلال 24 ساعة ، فيما تحدث بقية الوفيات خلال 12 يوما من بدء الأعراض.
علاج ضربة الحرارة :والعلاج الضروري لضربة الشمس هو الخفض الفوري النشط لحرارة الجسم الداخلية الى 39 درجة مئوية، دون تجاوزها الى درجة أقل، في خلال ساعة واحدة. ويتم العلاج بواسطة تبريد الجسم عن طريق استعمال اسفنجة ممتلئة بالماء البارد، أو لف الجسم بأغطية أو مناشف مبللة بالماء البارد ، أو بتعريض الجسم الى تيار من الهواء البارد الجاف .
و يجب الحذر من أن هذه الوسائل قد تؤدي الى تقلص الأوعية الدموية السطحية للجسم مما يؤدي الى تأخير فقد الحرارة عن طريق الجلد، ولتلافي هذا يتم تدليك سطح الجسم و الأطراف خلال عملية التبريد حتي تنشط الدورة الدموية وبذلك تنشط عملية الفقد السطحي للحرارة الداخلية للجسم. وفي أثناء ذلك يجب قياس درجة الحرارة بانتظام حتي يتم التأكد أنها لم تنزل عن 39 درجة مئوية في خلال ساعة ، حيث أن الخفض السريع لحرارة الجسم أقل من 39 درجة مئوية خلال ساعة واحدة قد يقود الى حدوث حالة الصدمة (انخفاض ضغط الدم الحاد". وعندما يتم الوصول الى درجة 39 درجة مئوية تتوقف عملية الخفض النشط للحرارة ، و يترك الجسم لكي يفقد ذاتيا الحرارة الزائدة حتى تصل الي 37.5 درجة مئوية. وتلخيصا للأمر فان ضربة الحرارة هي نتيجة خلل في عملية تنظيم الحرارة التي يقوم بها المخ ، مما يؤدي الي زيادة في الحرارة المختزنة في الجسم ، فتظهر الأعراض بصورة مفاجئة. وفي بعض الحالات ، قد يستغرق العلاج حوالي أسبوع حتي يعود التعرق الى حالته الطبيعية، وعندها يصبح المصاب قادرا على السيطرة على درجة حرارة جسمه دون مساعدة طبية .
الاجهاد الحراري :هي حالة تحدث هذا عند مستويات من التعرضات الحرارية أقل حدة من تلك التي تقود الى ضربة الحرارة. وفي هذه الحالة لا ترتفع درجة حرارة الجسم بالضرورة، قد يحدث اغماء مع ضعف نبض الدم وبطئه، وانخفاض ضغط الدم، كما يكون الجلد باردا و رطبا. وأكثر الناس عرضة للاصابة بهذه الحالة هم الأشخاص غير المتأقلمين على العمل في الجو الحار، وغير اللائقين صحيا. ويسبق الاغماء إحساس بالتعب والدوخة والغثيان والتثاؤب، مع اضطراب التنفس وسطحيته. وقد يفقد المصاب توازنه، ويشحب وجهه مع شيء من الزرقة .
علاج الاجهاد الحراري :يتطلب العلاج نقل المصاب الى مكان أكثر برودة، ويسمح له بالراحة في وضع الاستلقاء مع رفع ركبته، أو في وضع الجلوس مع خفض الرأس لمقاومة تأثير انخفاض ضغط الدم. وتتحسن الأعراض بسرعة، ويعود الى حالته الطبيعية في وقت قصير .
الطفح الجلدي (حمو النيل) :في بعض حالات التعرض لدرجات حرارة الجو العالية ، و خصوصا بين العاملين غير المتأقلمين ، قد تحدث حالة من الطفح الجلدي نتيجة حدوث خلل للغدد العرقية يمنع العرق من الوصول الى سطح الجلد لكى يقوم بالتبخر وبالتالي تبريد الجسم . ونتيجة لذلك يتسرب العرق تحت سطح الجلد، فيعاني المريض من إحساس مزعج ومؤلم بالوخز والحرقة بالجلد الذي تظهر عليه حبوب حمراء مصحوبة بحكة وخصوصا في أماكن الجسم المغطاة بالملابس .
العلاج :يتطلب العلاج نقل المصاب الى جو بارد، كما ينصح المصاب باخذ حمام بالماء البارد، مع التجفيف التام للجلد برقة، ودهنه بغسول الكالامينا لتخفيف المعاناة. وحتى مع العلاج فإن الحكة وإحمرار الجلد قد يستمران لعدة أيام، و قد تطول المدة لأسابيع .
نصائح عامة:يبقى في النهاية أن نشير الى نصائح عامة تساعد العاملين في الجو الحار على التأقلم على درجات الحرارة العالية، كما تساعدهم على تحسين أدائهم في مثل هذه الظروف :
1- اللياقة البدنية للعاملين : يجب أن يتمتع العاملين في الجو الحار بلياقة بدنية عالية ، مع الخلو من أمراض الجهاز الدوري، ومن ذوي الأوزان المعتدلة ، وفي عمر مناسب .
2- المشروبات : يجب تناول المشروبات بكميات صغيرة ومتكررة منذ بداية التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة ، بمعدل100 الى 120 مليمتر كل 15 الى 20 دقيقة . و يجب أن تحسب كمية الماء المطلوبة على أساس كمية السوائل المفقودة من الجسم ، ذلك أن الاحساس بالعطش لا يعطي أساسا حقيقيا لتقدير كمية الماء المطلوبة .
3- الطعام : يجب تقليل كمية الدهون في الطعام. مع ملاحظة ان زيادة كمية ملح الطعام في الأكل قد تكون ضرورية في حالة العمال الجدد في الجو الحار وهم الذين لم يعتادوا بعد على العمل في هذه الظروف. ولقد لوحظ أن اضافة فيتامين B المركب وفيتامين C الى ما يتناوله العمال في الجو الحار يؤخر ظهور التعب خلال عملهم المرهق .
4- الملابس : يراعى إرتداء الملابس المناسبة الواسعة والخفيفة التي تقي العاملين من أشعة الشمس، و في الوقت نفسه تساعد على تهوية الجسم .
5- أوقات الراحة : يجب مراعاة اعطاء العاملين في الجو الحار أوقاتا للراحة يستظلون فيها في أماكن ذات هواء بارد ، حيث يستطيعون تناول المشروبات والسوائل الباردة .
وللوقاية العامة من حدوث مثل هذه الحالات وغيرها مما يرتبط بالعمل الشاق في الجو الحار ، يجب أن يكون هناك انتقاء دقيق للعاملين المفترض أن يعملوا عملا جسديا شاقا. ان اللياقة الجسدية والسن المناسب والعقلية الواعية هى متطلبات أساسية لمثل هذا النوع من العمل. ولهذايجب أن تكون صحة العامل جيدة، مع مراعاة أن يكون جلده وقدرته على التعرق طبيعية . فعندما ترتفع درجة حرارة الجو الى معدلات عالية ، يستجيب الجسم بافراز العرق بمعدلات عالية، حتى أن العمال المدربون على العمل في الجو الحار قد يحتاجون الى كميات إضافية من الماء والملح ، وأحيانا تصل كمية الماء التي يتناولها الشخص الواحد يوميا الى 15 لترا من الماء ، مع كمية من ملح الطعام تصل الى 30 جراما (للمزيد عن الماء ).
بالاضافة لذلك ينصح باستعمال الملابس المناسبة التي يجب أن تكون خفيفة و واسعة . كما يجب أن يمنح العمال فترات من يجب بذل كل الخطوات الممكنة لتحسين ظروف العمل في الجو الحار بدءا بتحريك الهواء و تكييفه ما أمكن، الراحة يستظلون خلالها من الحر ، ويتناولون فيها السوائل الباردة ويرتاحون أثناءها من ارهاق العمل. كما يمكن وقف العمل كلية أو تحويره اذا كان الجو حارا بصورة غير عادية .
التأقلم على العمل في الجو الحار:ولقد لوحظ أن وطأة تأثير الجو الحار على العمال تقل اذا تأقلموا على العمل فيه. وهذا يعني أن يعتاد العامل على العيش والعمل في درجات الحرارة المرتفعة والمشبعة بالرطوبة أيضا. والتأقلم هو حالة فسيولوجية مثيرة للاهتمام، تتميز بانخفاض معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم الداخلية . والعامل المتأقلم مع الحرارة يستطيع الحفاظ على الصوديوم و الكلور فلا يفقدهما بكثرة في العرق . كما أن كمية تعرقه تكون أقل من العامل غير المتأقلم. والتأقلم دائما ما يكون محددا ونسبيا، فالفرد يتأقلم على جو محدد سواء جافا أو رطبا ، و يتأقلم أيضا على كمية عمل محددة في ذلك الجو، و أية زيادة في كمية العمل أو في العبء الحراري قد تقود الى مشاكل صحية . ولقد لوحظ أن الغياب عن العمل لمدة أسبوع واحد قد يقود الى فقد العامل ما بين ربع الى ثلثي تأقلمه السابق، كما أن ثلاثة أسابيع من الانقطاع عن العمل تقود الى فقدان التأقلم كليا ما لم يكن العامل رياضيا وفي حالة جسدية طيبة. وفي الحالة الأخيرة فان فقد التأقلم يكون بسيطا و يستعيد العامل سريعا حالته الأولى من القدرة على العمل في الجو الحار فور عودته اليه .
والعوامل التي تتدخل في عملية تأقلم العامل على العمل في الجو الحار هي تنظيم حرارة الجسم ، و تدفق الدم في القلب ومعدل ضرباته، وأخيرا التعرق. و ملخص ما يحدث أن جسم الانسان يعمل على خفض انتاج الحرارة بداخله، مع زيادة المنصرف من هذه الحرارة عن طريق تعديل جريان الدم في الجسم، وتوتر العضلات والتنفس والتعرق. كما أن الجسم يعمل على ترشيد خروج الماء والاملاح في العرق ، بتقليل نسبة الأملاح في العرق، وأيضا بتقليل كمية العرق الاجمالية. وبذلك يستطيع العامل أن يعمل في الجو الحار بدون احتياج كبير للماء و الملح. وظاهرة التأقلم على العمل في الجو الحار تفسر حدوث المشاكل الصحية للعاملين الجدد الوافدين حديثا الى المناطق الحارة، في الوقت الذي لا يعاني فيه العاملين القدامي من مثل هذه المشاكل.
والتعرض لحرارة الجو يمكن أن ينتج عنه أمراض شديدة الضرر ان لم تعالج وأولها:
التقلص العضلي:وهو تشنج مؤلم مفاجيء قد يحدث في عضلات الرجلين أو الذراعين ، و أحيانا يحدث في عضلات الظهر والبطن، وفيه تظل درجة حرارة الجسم في معدلاتها الطبيعية بينما يكون الجلد رطبا . وهذه الحالة تحدث للأشخاص الذين يعرقون بغزارة نتيجة للجهد العضلي في الجو الحار، ثم يشربون الماء لتعويض ما فقدوه دون تناول كمية مناسبة من الملح تعوض ما فقد في العرق، فتزيد نسبة الماء داخل خلايا الجسم مع انخفاض معدلات تركيز الصوديوم و الكلور في السوائل خارج هذه الخلايا، ويؤدي هذا الى تقلص عضلات الجسم بصورة مؤلمة .
للوقاية والعلاج من التقلص العضلي: يجب على الشخص المصاب أو المعرض للاصابة أن يتناول ملح كلوريد الصوديوم ( ملح الطعام ) مع ما يتناوله من الماء لتعويض الفقد الناتج عن التعرق الغزير، و يمكن أن يكون هذا عن طريق الملح المذاب في الماء ، أو عن طريق تناول أقراص الملح مع الماء ، أو عن طريق تناول مشروبات مثل المجهزة خصيصا للرياضيين مضافا اليها الأملاح المناسبة ، لتعويض الفقد من خلالتناول بعضها بين حين وآخر أثناء اللعب أو التدريب أو المجهود الشاق .
ضربة الشمس أو ضربة الحرارة :ومن بين المشاكل الصحية لارتفاع حرارة الجو ما يسمى " ضربة الشمس " أو " ضربة الحرارة "، وهو ما يحدث عندما يقوم العامل بجهد عضلي كبير ، فيؤدي هذا الى نشاط أيضي كبير للجسم ينتج عنه حرارة عالية، ويضاف الى ذلك درجة حرارة مرتفعة في الجو، ويكون هذا الجمع بين الحرارتين كافيا لاحداث عبء حراري كبير على الجسم الذي لا يستطيع أن يتحمله. وهنا يزداد المخزون الحراري للجسم، فترتفع حرارة الجسم الداخلية بسرعة. ويكون الخطر أكبر عندما يكون العاملون غير متأقلمين على العمل في الجو الحار، مع قدرة ضعيفة على العمل. وقد وجد أن ثقيلي الأوزان ممن يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة للاصابة بضربة الشمس، يضاف الي ما سبق ارتداء الثياب غير الملائمة مما يجعل الجسم يضيف الى حرارته المكتسبة بدلا من فقدها. ونقص تناول الماء لتعويض الفاقد منه يعرض العامل أيضا للاصابة بضربة الشمس. ولقد لوحظ أن المصابين بأمراض الجهاز الدوري وأمراض القلب وضغط الدم العالي معرضون بصورة أكبر لضربة الشمس .
وفي ضربة الشمس ترتفع درجة حرارة الجسم ارتفاعا كبيرا عن المعدل ، فتصل بسرعة الى معدل بين 40 -43 درجة مئوية. وترتفع درجة حرارة الجلد الذي يكون جافا بينما ينقطع الجسم عن التعرق. ويشعر المصاب في بداية الحالة بفقدان الاحساس بالزمان والمكان ، يتبعها دخوله في حالة من الهذيان والاهتياج، ثم يبدأ المصاب بالتشنج ، وبعدها ينهار تماما. ومعظم الوفيات من هذه الحالة تحدث - ما لم يتم العلاج بسرعة - خلال 24 ساعة ، فيما تحدث بقية الوفيات خلال 12 يوما من بدء الأعراض.
علاج ضربة الحرارة :والعلاج الضروري لضربة الشمس هو الخفض الفوري النشط لحرارة الجسم الداخلية الى 39 درجة مئوية، دون تجاوزها الى درجة أقل، في خلال ساعة واحدة. ويتم العلاج بواسطة تبريد الجسم عن طريق استعمال اسفنجة ممتلئة بالماء البارد، أو لف الجسم بأغطية أو مناشف مبللة بالماء البارد ، أو بتعريض الجسم الى تيار من الهواء البارد الجاف .
و يجب الحذر من أن هذه الوسائل قد تؤدي الى تقلص الأوعية الدموية السطحية للجسم مما يؤدي الى تأخير فقد الحرارة عن طريق الجلد، ولتلافي هذا يتم تدليك سطح الجسم و الأطراف خلال عملية التبريد حتي تنشط الدورة الدموية وبذلك تنشط عملية الفقد السطحي للحرارة الداخلية للجسم. وفي أثناء ذلك يجب قياس درجة الحرارة بانتظام حتي يتم التأكد أنها لم تنزل عن 39 درجة مئوية في خلال ساعة ، حيث أن الخفض السريع لحرارة الجسم أقل من 39 درجة مئوية خلال ساعة واحدة قد يقود الى حدوث حالة الصدمة (انخفاض ضغط الدم الحاد". وعندما يتم الوصول الى درجة 39 درجة مئوية تتوقف عملية الخفض النشط للحرارة ، و يترك الجسم لكي يفقد ذاتيا الحرارة الزائدة حتى تصل الي 37.5 درجة مئوية. وتلخيصا للأمر فان ضربة الحرارة هي نتيجة خلل في عملية تنظيم الحرارة التي يقوم بها المخ ، مما يؤدي الي زيادة في الحرارة المختزنة في الجسم ، فتظهر الأعراض بصورة مفاجئة. وفي بعض الحالات ، قد يستغرق العلاج حوالي أسبوع حتي يعود التعرق الى حالته الطبيعية، وعندها يصبح المصاب قادرا على السيطرة على درجة حرارة جسمه دون مساعدة طبية .
الاجهاد الحراري :هي حالة تحدث هذا عند مستويات من التعرضات الحرارية أقل حدة من تلك التي تقود الى ضربة الحرارة. وفي هذه الحالة لا ترتفع درجة حرارة الجسم بالضرورة، قد يحدث اغماء مع ضعف نبض الدم وبطئه، وانخفاض ضغط الدم، كما يكون الجلد باردا و رطبا. وأكثر الناس عرضة للاصابة بهذه الحالة هم الأشخاص غير المتأقلمين على العمل في الجو الحار، وغير اللائقين صحيا. ويسبق الاغماء إحساس بالتعب والدوخة والغثيان والتثاؤب، مع اضطراب التنفس وسطحيته. وقد يفقد المصاب توازنه، ويشحب وجهه مع شيء من الزرقة .
علاج الاجهاد الحراري :يتطلب العلاج نقل المصاب الى مكان أكثر برودة، ويسمح له بالراحة في وضع الاستلقاء مع رفع ركبته، أو في وضع الجلوس مع خفض الرأس لمقاومة تأثير انخفاض ضغط الدم. وتتحسن الأعراض بسرعة، ويعود الى حالته الطبيعية في وقت قصير .
الطفح الجلدي (حمو النيل) :في بعض حالات التعرض لدرجات حرارة الجو العالية ، و خصوصا بين العاملين غير المتأقلمين ، قد تحدث حالة من الطفح الجلدي نتيجة حدوث خلل للغدد العرقية يمنع العرق من الوصول الى سطح الجلد لكى يقوم بالتبخر وبالتالي تبريد الجسم . ونتيجة لذلك يتسرب العرق تحت سطح الجلد، فيعاني المريض من إحساس مزعج ومؤلم بالوخز والحرقة بالجلد الذي تظهر عليه حبوب حمراء مصحوبة بحكة وخصوصا في أماكن الجسم المغطاة بالملابس .
العلاج :يتطلب العلاج نقل المصاب الى جو بارد، كما ينصح المصاب باخذ حمام بالماء البارد، مع التجفيف التام للجلد برقة، ودهنه بغسول الكالامينا لتخفيف المعاناة. وحتى مع العلاج فإن الحكة وإحمرار الجلد قد يستمران لعدة أيام، و قد تطول المدة لأسابيع .
نصائح عامة:يبقى في النهاية أن نشير الى نصائح عامة تساعد العاملين في الجو الحار على التأقلم على درجات الحرارة العالية، كما تساعدهم على تحسين أدائهم في مثل هذه الظروف :
1- اللياقة البدنية للعاملين : يجب أن يتمتع العاملين في الجو الحار بلياقة بدنية عالية ، مع الخلو من أمراض الجهاز الدوري، ومن ذوي الأوزان المعتدلة ، وفي عمر مناسب .
2- المشروبات : يجب تناول المشروبات بكميات صغيرة ومتكررة منذ بداية التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة ، بمعدل100 الى 120 مليمتر كل 15 الى 20 دقيقة . و يجب أن تحسب كمية الماء المطلوبة على أساس كمية السوائل المفقودة من الجسم ، ذلك أن الاحساس بالعطش لا يعطي أساسا حقيقيا لتقدير كمية الماء المطلوبة .
3- الطعام : يجب تقليل كمية الدهون في الطعام. مع ملاحظة ان زيادة كمية ملح الطعام في الأكل قد تكون ضرورية في حالة العمال الجدد في الجو الحار وهم الذين لم يعتادوا بعد على العمل في هذه الظروف. ولقد لوحظ أن اضافة فيتامين B المركب وفيتامين C الى ما يتناوله العمال في الجو الحار يؤخر ظهور التعب خلال عملهم المرهق .
4- الملابس : يراعى إرتداء الملابس المناسبة الواسعة والخفيفة التي تقي العاملين من أشعة الشمس، و في الوقت نفسه تساعد على تهوية الجسم .
5- أوقات الراحة : يجب مراعاة اعطاء العاملين في الجو الحار أوقاتا للراحة يستظلون فيها في أماكن ذات هواء بارد ، حيث يستطيعون تناول المشروبات والسوائل الباردة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق