ينتمي نبات اليانسون الى الفصيلة الخيمية التي ينتسب اليها الكرفس والشمرة. وآسيا الصغرى هي الموطن الأصلي له. ولكن المراجع ترجح أن تكون مصر هي أول من عرفته، إذ عثر العلماء على ثمار اليانسون في مقابر الصحراء الشرقية لمدينة طيبة. وكان الفراعنة يلجأون الى وصفه كثيراً، حتى تبوأ مكانة مهمة عندهم لعلاج أمراض كثيرة. وفي هذا الصدد، ورد في إحدى أوراق البردى أن اليانسون المغلي يفيد في علاج عسر البول، واضطرابات المعدة، وأوجاع اللثة والأسنان.الإغريق والرومان عرفوا اليانسون أيضاً. ويقال أن عالم الرياضيات فيثاغورس كان يمضي جل وقته لإيجاد وصفات جديدة من اليانسون. وكان يعتقد أن مجرد لمس نبات اليانسون يسمح في إبعاد داء الصرعة. فيما كان أبقراط يوصي به للقضاء على المفرزات المخاطية في الطرق التنفسية. أما عالم الطبيعة الروماني فذكر أن مضع بذور اليانسون يساعد في الهضم وينعش النفس. في حين استخدمه الأطباء العرب للحض على التعرق ودرّ البول. وقال الطبيب ابن سينا ان شراب اليانسون الساخن الممزوج بالحليب ينفع في معالجة اضطراب النوم وتهدئة الأعصاب.يزرع اليانسون اليوم على نطاق واسع. وكان قديماً واحداً من أهم المنتجات في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، الى درجة أنه كان يستعمل كعملة لسداد الضرائب. ويروى أن ملك بريطانيا إدوارد الأول أصدر فرماناً أجبر الناس بموجبه على دفع ضريبة على اليانسون يستعمل ريعها في إصلاح جسر العاصمة البريطانية.يحتوي اليانسون على زيت طيار يشكل نحو 2 الى 3 في المئة من وزن الثمرة الجافة. ويعد مركب الأنيتول ومركب ميثيل كافيكول من أهم مكونات الزيت الطيار، إذ يشكلان وحدهما ما يقارب التسعين في المئة من محتويات اليانسون. أما ما تبقى من المركبات، فتتوزع بين الكيتونات والألدهيدات والأحماض اليانسونية، إضافة الى الفلافونيدات وهورمون الأستروجين الطبيعي.يستعمل مشروب اليانسون الساخن في حالات عدة، مثل الغازات البطنية والمغص، خصوصاً عند الرضع والأطفال والتلبكات الهضمية، وفي أمراض الصدر والسعال، وفي تسكين الصداع وتهدئة الأعصاب. ويدخل اليانسون في تركيب أدوية عدة مثل تلك الطاردة للبلغم أو المضادة لداء الربو. كما يستعمل اليانسون من أجل تحسين نكهة الكثير من العقاقير.وإذا أضيف مسحوق اليانسون الى الماء أو العسل، فإنه ينفع في فتح الشهية وفي الإقبال على الطعام. كما يفيد اليانسون في إدرار الحليب عند الأمهات المرضعات.أثبت الطب الحديث أن لليانسون تأثيرات فاعلة مضادة للسعال والمغص والفيروسات والجراثيم. وكشفت التحريات انه يساعد في الشفاء من أمراض البرد، خصوصاً التهابات الفم والحنجرة والقصبات. وإذا صدقنا ما أعلنه أطباء صينيون منذ أشهر قليلة، فإن شرب كوب واحد من اليانسون الفاتر صباحاً على الريق يعتبر أحسن وسيلة للوقاية من داء انفلونزا الطيور الذي هز العالم أخيراً. بل ان هؤلاء الأطباء، يقولون ان فاعلية مشروب اليانسون تفوق فاعلية الدواء السويسري «تاميفلو» المستخدم في علاج مرض أنفلونزا الطيور.وكما ان اليانسون نافع داخلياً، فهو ينفع في استعمالات خارجية أيضاً، فمغلي اليانسون مفيد في إزالة الالتهابات العينية، وان اضافة زيت اليانسون مع زيت الزيتون تعطي خليطاً يستعمل موضعياً في إزالة قمل الرأس والعانة.أخيراً، بقي أن زيت اليانسون وثماره يستعملان لأغراض غير طبية، مثل صناعة الحلويات والصابون والعطور، وفي كثير من الصناعات الغذائية، ويدخل مركب الأنيتول في الصناعات التجميلية. وفي ما يتعلق ببذور اليانسون، يجب عدم المبالغة في غليها طويلاً لأن هذا من شأنه أن يذهب بعطورها الزيتية ويقلل من منافعها الهضمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق