الأحد، 15 أغسطس 2010

الصيام ينقى الجسم من السموم


يعتبر الصوم فرصة كبيرة لتصحيح الأخطاء الغذائية والنفسية التي تسبب أضرارا ومخاطر كبيرة تظهر في البدانة والأمراض المزمنة.
وللصوم ، فوائد كثيرة متنوعة ، منها الاجتماعية والنفسية والصحية ، فهو بطبيعته رياضة للنفس ، إذ يكبح من جماحها ، ويعودها على الصبر ، ورياضة للبدن ، بما يحمله من تجربة قاسية ، كما يعين على قوة الإرادة لأنّه يساعد الإنسان في الإضراب عن شهوات الجسد ، التي تحرّم في أوقات الصوم ، في مدد متقاربة رتيبة ، وينسق وجبات الطعام ، في الفطور أول المغرب ، والسحور قبيل الفجر ، فيتحقق له تدريب إرادته على العزم ، ومرانها على الالتزام بالرأي الأفضل .
يتعرض الجسم البشري لكثير من المركبات الضارة والسموم التي قد تتراكم في أنسجته ، وتدخل أغلبها للجسم عبر الإكثار من تناول أغذية معينة ، لا سيما في هذا العصر ، الذي عمت فيه الأغذية المختلفة الانواع مع أنماط عشوائية في التغذية ، وتقدمت وسائل التقنية في تسخينها وتهيئتها وإغراء الناس بها ، فانتشرت الوجبات السريعة والأطعمة الدهنية والمشروبات السكرية والغازية ، التي انكب الناس على التهامها بنهم ، ما أدى إلى حصول خلل في الكثير من العمليات الحيوية داخل خلايا الجسم ، وظهر نتيجة لذلك ما يسمى بأمراض الحضارة كالسمنة وتصلب الشرايين ، وارتفاع الضغط الدموي ، وجلطات القلب والمخ ، والرئة ، ومرض السرطان ، وأمراض الحساسية والمناعة.
وقد بينت الدراسات الطبية أن جميع الأطعمة تقريبا في العصر الحديث
تحتوي على كميات قليلة من المواد السامة التي تضاف للطعام عادة أثناء إعداده أو حفظه ، كالمنكهات ، والمطيبات والألوان ، ومضادات الأكسدة ، والمواد الحافظة ، أو الإضافات الكيميائية للنبات أو الحيوان ، كمنشطات النمو ، والمضادات الحيوية ، والمخصّبات ، أو مشتقاتها.
ويملك الجسم آليات طبيعية للتخلص من هذه السموم ، كالكبد الذي يقوم بإبطال مفعول كثير من هذه المواد السامة أو بتحويلها إلى مواد نافعة مثل اليوريا والكرياتين وأملاح الأمونيا أو تحويل الجزيئات السمية الذائبة في الشحوم إلى جزيئات غير سامة تذوب في الماء ، يمكن أن يفرزها الكبد عن طريق الجهاز الهضمي أو تخرج عن طريق الكل .
ولكن للكبد جهدا وطاقة محدودين ، وقد يعتري خلاياه بعض الخلل لأسباب مرضية أو لأسباب طبيعية كالتقدم في السن ، مما يؤدي إلى ترسب جزء من هذه المواد السامة في أنسجة الجسم ، وخصوصا في المخازن الدهنية.
وفي الصيام تتحول كميات هائلة من الشحوم المختزنة في الجسم إلى الكبد حتى تؤكسد ، وينتفع بها ، وتستخرج منها السموم الذائبة فيها ، وتزال سميتها ويتخلص منها مع نفايات الجسد ، كما يساعد ما فيها من الكوليسترول على التحكم وزيادة إنتاج مركبات الصفراء التي تقوم بإذابة مثل هذه المواد السامة ، والتخلص منها مع البراز.
وأوضح العلماء أن الصيام يؤدي خدمة جليلة للخلايا الكبدية ، بأكسدته للأحماض الدهنية ، فيخلصها من مخزونها الدهني ، فتنشط وتقوم بدورها بشكل صحيح ، وتعادل كثيرا من المواد السامة حتى تصبح غير فعالة ويتخلص منها الجسم .
ويكون نشاط هذه الخلايا في أعلى معدل كفاءتها للقيام بوظائفها أثناء الصيام ،
فتقوم بالتهام البكتيريا ، بعد أن تهاجمها الأجسام المضادة المتراصة ، وتزداد فرصة طرح السموم المتراكمة في خلايا الجسم خلال الصيام ، لأن عمليات الهدم في الكبد في هذه الفترة تغلب عمليات البناء في التمثيل الغذائي ، كما يزداد أيضا نشاط الخلايا الكبدية في إزالة سمية كثير من المواد السامة.
ويرى عدد من الأطباء العالميين ، الذين اهتموا بدراسة الصوم وأثره على الصحة ، أن كل إنسان يحتاج إلى الصوم ، وإن لم يكن مريضا ، لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم ، فتجعله كالمريض وتثقله ، فيقل نشاطه ، فإذا صام تخلص من أعباء هذه السموم ، وشعر بنشاط وقوة .
وأوضح العلماء في المجلة الباكستانية للبحوث العلمية والصناعية ، أن الصيام يعمل كعامل تنقية ومزيل للسموم وللآثار الممرضة للهرمونات والمواد الحافظة الموجودة في الكثير من الأطعمة ، فالشخص الأمريكي البالغ يحمل في جسمه ما يقدر بحوالي 5 - 10 باوندات من المواد السامة ، فضلا عما يعانيه الأفراد من شهية للمواد المؤذية كالنيكوتين والكافيين والأملاح الزائدة التي تسبب ارتفاع ضغط الدم ، وأمراض القلب ، إلى جانب ما يحتويه الطعام من سكريات مصفاة التي تسبب تسوس الأسنان وتزيد مرض السكري سوءا ،
ولذلك فإن حالة الصيام تحرك وقود الجسم ومخازن الطاقة فيه ، وتزيد طرح نواتج الفضلات والمواد المؤذية إلى خارج الجسم .
وجاء الأمر الإلهي للمسلمين بصيام شهر رمضان ، وغيره تطوعا في سورة البقرة :
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " (الآية : 183) .
وقال جل وعلا أيضا ، حاثا المؤمنين على صيام التطوع :
" وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ " (البقرة : الآية 184) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق